هكذا تحب

ربما يكون وقوعنا في الحب هو أسهل الأشياء حدوثا..فالإنسان يمضي في حياته حاملاً قلبه على كفيه..معرضا اياه لأي نسمة هواء رقيقة..أو أي لمسة حانية من عابر سبيل..جميعنا ينتظر الحب و يبحث عنه..بعضنا يعتبره دافع لحياة أكثر دفئا و راحة, و البعض الآخر يضعه جنبا إلى جنب مع كل حدث في حياته ليضيف اليه مذاقاً أكثر حلاوة..أما البعض الأكثر شقاءاً فهو من يجعله كل حياته و كل ما عداه بإمكانه الإنتظار أو حتى الرحيل!و حين نبحث عن الحب بكل ما لدينا من طاقة و قدرة و رغبة في السعادة..فنحن غالبا لا ندري أو حتى لا نبالي يأننا نجازف بخسارة الكثير من الأشياء ..راحة البال و النوم الهانئ و الإحساس بالثفة الممل أحيانا..و تشابه الأيام الممل كثيرا..و السرعة الفائقة في اتخاذ القرارات و الحكمة البالغة في رؤية الأمور..و لكنه الحب بالرغم من كل شئ..ذلك الساحر صاحب القدرات الخارقة و المعجزات الغير قابلة للتصديق ..القادر على ملئ الأيام بشتى ألوان الفرح..القادر على رسم قوس قزح دافئ في منتصف سماء ليلة باردة بلا قمر و بلا مبالغة!..المانح للأشياء الجامدة عيونا و قلوبا و نبضاً و حياه..و المانح للعمر لحظات من بريق تضيئه كله و تجعل المضي فيه أسهل رؤية و أغنى معنى..الحب.. ذلك الكائن الأكثر هشاشة من جناح فراشة جاءت تواً للحياة و بالرغم من ذلك فهو -وحده- القادر على حملها وسط أعاصير الشتاء و تقلبات الفصول!الحب..أكبر علامة تعجب في كل اللغات و علامة الإستفهام التي لا تنتهي لألف ألف سؤال!

و إذا كان الوقوع في الحب هو أسهل الأشياء حدوثاً..فالحفاظ عليه هو أصعبها على الإطلاق!فكل ما تحتاجه لتقع في الحب هو عينين قادرتين على الرؤية بصورة أجمل..و قلب فتحت أبوابه المغلقة و شّرعت نوافذه!أما لتحافظ عليه و تحفظه فأنت بحاجة إلى كل ذرة في جسدك..كل فكرة و كل عصب وكل خلية تنبض..و كأن قلبك قد أدى دوره والآن دور باقيك كلك!أنت بحاجة إلى صبر الأرض و تفهم العالم و إرادة السماء و يقينهم جميعا!أنت بحاجة إلى أن تتقن الصمت في أكثر أوقاتك رغبة في الصراخ..أنت بحاجة لا إلى تقبل العيوب بل إلى حبها..لا إلى التغاضي عن الأخطاء بل إلى نسيانها..لا إلى الاقتراب ممن تحب بل الى الذوبان فيه..أنت بحاجة إلى أن تؤمن بأنك تحبه هو لأنه هو و ليس أنت..و أنك أنت أنت لأنه هو هو..و أنه إن صارهو أنت فأنت لم تكن تحبه هو!(حد فاهم حاجة؟:))

قد يأخذ ذلك منك الكثير..قد يغضبك حيناً ويؤلمك أحياناً و يبكيك الكثير من الأحيان..لكنه سوف يبقيك حياً..و يجعلك حبيباً نادرا..حبيبا جديداً لكل يوم..و لك مع من تحب كل يوم حب جديد!

مهما كانت دموعنا من الحب مؤلمة..فدموعنا عليه أشد إيلاماً!