Monday, 14 December 2009

اعتراف من القلب


آن لي أن أقف تلك الوقفة..و أن أعترف لنفسي و لك و للدنيا بأسرها بأشياء ناء قلبي بحملها..و لم يستطع أحد أن يحملها عني أو حتى معي..أحدث نفسي بها طوال الوقت دون أن أجرؤ على أن أرفع صوتي- حتى حد الهمس- متتعللة حيناً بأنك لن تستطيع إدراك ما أقول..و أحياناً بأنك صغير على أن أثقل قلبك الأخضر بأحزان ليست من صنعك....ولكنك بعض مني...أنت وحدك في هذا الكون -الذي بات كبيراً علىّ حد الرعب- من يحمل بعضاً مني داخله..يكبر اذ تكبر..و يفرح إذ تفرح..و يحزن إذ تحزن..و يبقى إذ أرحل!

فلتقرأ تلك الكلمات يوماً ما..ولتعلم أنه مهما تغير بنا الزمن أو غيرنا..فتلك الكلمات لن تتغير لأنها أصدق ما خرج من قلبي..

انني حقاً أحمد الله على نعمة وجودك..بالرغم من مرور أوقات تمنيت فيها لو لم تكن هنا لأعفيك من عذاب أنا بعضه و من ألم لا ذنب لك فيه..و أوقات أخرى تمنيت لو أنك جئت في ظروف أخرى.. ومن رجل آخر..و لكنني أعتذر لك..فأنت- كما أنت- نعمة الله و منّته علىّ..و لولاك في حياتي لما كنت الآن أتشبت بحياة أعلم جيداً أنها سلسلة لا تنتهي من أخطاء لا تتوقف الا بتوقف الأنفاس.

أعتذر لك لأنني و بكامل إرادتي قمت بحرمانك من أبسط حقوقك في أن تحيا حياة طبيعية في بيت واحد هو بيتك.. و بين أب و أم هما أبوك و أمك..أيّاً كان هذا الأب ومساوئه أو هذه الأم و أخطائها.. لكني أقسم لك أنني حين فعلت ما فعلت كنت قد صرت جسداً خاوياً يملؤه هواء بارد..توقف فيه الاحساس و التفكير و ادراك الصواب من الخطأ و توقفت فيه الحياة بكل صورها..فأردت أن أحيا أنا من أجل أن تحيا أنت!

أعتذر لك عن كل دمعة زرفتها أو ستزرفها عيناك الواسعتان الصغيرتان,حين تبتعد عن حضني مرغماَ لتقضي بعض الوقت مع أبيك-المسافر منذ مولدك- فبات من الطبيعي و أنت في الثالثة أن تبكي كلما ابتعدت عني ذاهباً إلى المجهول من وجهة نظرك.و يشهد الله أنني أفعل ذلك من أجلك أنت..لأن أبيك وحده هو ظهرك و سندك في زمن كزماننا ومجتمع كمجتمعنا و دنيا كدنيانا!

أعتذر لك عن أسئلة كثيرة لن أستطيع الإجابة عنها..و صراع طويل قد تمر به..و غضب مفاجيء قد يتملكك..و صورة قد تهتز لأم قد أحبتك حباً ربما تكون قد عبرت عنه بطريقة خاطئة من وجهة نظرك أو وجهة نظرمن حولك.. فتلك أشياء متوقعة الحدوث..و جل ما أتمناه هو أن تملأ السكينة و الرضا قلبك بطريقة ما!!

أشكرك على إبتسامات كثيرة منحتنى إياها في أكثر لحظات حياتي صعوبة ويأساً..

أشكرك على شعوري الدائم بالفخر -حد الزهو أحياناً- لأنك ولدي..لإمتلاكك ذلك الكم من الذكاء وسرعة البديهة في الرد و التصرف اللذين لا يتوقفان عن اذهالى..و ابتسامة كل من حولك كلما مررت أمامهم و البهجة التي تنشرها إذا بقيت بينهم..و سعادتي الغامرة كلما تحسس شعرك أحد المارة في الطريق..و السكينة التي تملأني حين يربت عجوز ما على كتفك داعياً لك بالهداية,و لي بأن يحفظك الله لي!

أشكرك على تحملي في لحظات غضبي الغير مبرر و التي لم يتحملها الكثيرون ممن هم أكثر منك حكمة و إدراكاً ببواطن الأشياء و تعقيدات الحياة..فمجرد رؤيتك لدمعة تلمع في عيني تنسيك غضبك من صب جام غضبي عليك لتسألني ملحاً و الدموع تملأ عينيك أنت"مالك يا ماما؟"

أشكرك على حنان بحثت عنه كثيراً..ووجدته أسهل ما يكون في حضنك الصغير و يدك المنمنمة و هي تربت على قلبي المتعب..دون الحاجة الى تفسيرات أو أسباب..أو دون انتظار لأي شئ سوى أن أبتسم في وجهك الصغير-المبتسم من أقصاه لأقصاه ابتسامة رسمتها أنت ببراعة لتخبرني أن كل شيء سيصبح على ما يرام!

أشكرك لأني أمك و لأنك راض عن أمومتي لك-حتى الآن على الأقل-..كوني أمك يملأني فرحة ليست مثلها فرحة في دنيا عز فيها الفرح..و يقيناً ليس بعده يقين أن أبواب جنة نعيم ستفتح لي-إن شاء الله- في دار خير و أبقى من دارنا تلك!


Friday, 20 November 2009

يا حبيبتي يا مصر



اتْغِلْبِي يامصر ولا يِهِمِّك

ولا يفرق

ولا يحرَق دَمِّك

والله مسامحِك

وبحبِك

ولا فوز هيزيدك يا جميلة

ولا غُلب العالم هيقِلك

Wednesday, 4 November 2009

في المرايا


أراها تتخذ مكانها بينهم في هدوء واثق..لا تأبه لكثرتهم و وحدتها..لتشابههم و اختلافها..لا تخشى الذوبان فيهم أو الضياع بينهم..فقط تنتظر الزمن الذي تسير معه ضدهم!

أبحث عنها كل صباح علّني لا أجدها.. ثم أبحث عنها لأنني اعتدت رؤيتها..ثم أعتاد وجودها حتى أكاد أن أنساها..تأخذني الحياة برتابتها و لهاثها..بأفراحها و خيباتها..بدوائرها التي لا تنتهي و خطوطها التي لا تلتقي

و ذات صباح أتذكرها فأعاود بحثي عنها لأجدها لم تعد وحيدة..

تراودني- رغماً عني - أسئلة أعرف أجوبتها الحائرة مسبقأ..و أرى حياتي في لقطات سريعة متتالية..أيام تبعد سنوات ضوئية عن هنا, لا يملأها سوى الانتظار أحياناً واليأس من الانتظار كثيرأ..و الخوف الدائم من الاستيقاظ ذات خريف لأجد أن خمسين ربيعاً قد ولوّا و أنا في انتظار الدفء الذي لا يجيئ !لكن الدفء جاء..أو ربما أنا أتيت به بالرغم من كل شيئ لأنني أخشى الموت برداً..جاء و معه أشياء كثيرة ضائعة..أحلام منسية و ضحكات عالية و دقات قلب صاخبة و ليالي صيف مفعمة بالبهجة ,و ليالي شتاء متدثرة ذات نجوم لامعة..و دموع منسابة سراً خوفاً على فقد كل ما جاء!جاءت وجوه و عادت وجوه..و غابت وجوه..ومع كل مجيئ و غياب و عودة فرحة و ألم وغصة في الحلق..و ذكرى لا تغيب!قرارات سريعة و أخرى متأخرة..لكنها-بالرغم من كل شئ -أفضل من قرار لا يجيء!

أفيق من شرودي لأجدني أمامي في المرآة..أتحسس الشعيرات البيضاء القليلة التي اتخذت مكانها في هدوء واثق فوق رأسي..و التي جاءت لتبقى..ربما جاءت مبكراً..و لكن هكذا هي الأشياء في حياتي..اما أن تأتي مبكراً قليلاً..أو متأخراً كثيراً!


لتفهم حياتك عليك أن تنظر للوراء..و لتحياها عليك أن تنظر للأمام!

Saturday, 19 September 2009

عيد سعيد


عيد سعييييييييييييييييييد عليكم كلكم يااااا حلويييييين
ويااا رب تكونوا صليتوا العيييد و قلبكم انشرح من المنظر و التكبيير
زي ما قلبي انشرح
يا رب يسعد قلبكم كلكم

الفراق من الوريد إلى الوريد


أن أكون معك وتكون معي
ولا نكون معا :
ذلك هو الفراق ..
أن تضمنا غرفة واحدة
ولا يحتوينا كوكب واحد :
ذلك هو الفراق ..
أن يصير قلبي
حجرة كاتمة للأصوات مبطنة الجدران
وأن لا تلحظ ذلك :
ذلك هو الفراق ..


غادة السمان

عيد سعيد
!!!!

Tuesday, 15 September 2009

دموع صغيرة



تلاحقني العينان الواسعتان المنكسرتان و قد ملأتهما دموع تبوح بأشياء يعجز اللسان الصغير عن البوح بها..تعلق يائس و رغبة ملحة في الإلتصاق بي..خوف لا ينتهي من غد لا يدري كنهه و عجز تام عن فهم أو تفهم ما يحيط به..شعور بالإحباط و خيبة الأمل لتركي إياه و بدايات شك في مدى حبي -الذي يسع الكون- له!
تهرب عيناي من عينيه ألماً و عجزاً ثم تعودا اليهما شوقاً و خوفاً من افتقادهما حين يغيب عني بعد قليل..أريد أن أخبره كم سأفتقده و لكن يثقل لساني لإدراكي كم سيبدو قولي مناقضاً لفعلي أمام عقله الصغير..أقبّله قبلة حملتها كل حبي ويأسي ووعودي الصامتة قليلة الحيلة التي ما عدت أدري إن كان باستطاعتي حقاً الوفاء بها,فيزداد تألق الدموع في عينيه دون أن يترك لها العنان!يمسك بيد أبيه و يمضي متباطئاً إلى سيارة الأجرة المنتظرة و قد استدار بكل ما فيه إلىّ و ترك قدميه فقط له..تزداد الغصة مرارةً في حلقي و تعتصر قلبي يد لا ترحم..تتحرك السيارة ببطء و قد أمسك بكفيه زجاج النافذة المفتوحة و أخرج رأسه منها في نظرة أخيرة إليّ..تخرج من صدري تنهيدة حارقة كادت أن تقتلني إختناقاً لو لم تخرج هاربة من سجنها..تلتها آهه مرتعشة طويلة.. بطول السنين و الأيام و الألام الماضية و الأتية..تختفي السيارة في الزحام و أقف في مكاني و قد خلى الكون من حولي و خلت الدنيا بي!ماذا فعلت به؟ و ماذا فعلت بنفسي من قبله؟؟ و ماذا فعلت الدنيا بنا؟تغشي عيناي الدموع فلا أرى سوى صور متراقصة..و حين تسقط الدمعتان الثقيلتان أخيرا لتجليا الرؤية أرى ولد صغير يسير مع أبيه و أمه يخبّط بقدميه الأرض غضباً و قد ملأت عينيه دموع عدم الرضى و الإعتراض على شيء ما!

Saturday, 29 August 2009

دعاء



اللهم إنى اشكو إليك ضعف قوتى و قلة حيلتى و هوانى على الناس
انت رب المستضعفين و انت ربى الى من تكلنى؟
الى بعيد يتجهمنى ؟ ام الى عدو ملكته امرى؟!
ان لم يكن بك على غضب فلا ابالى
اعوذ بنور وجهك الذى اضاءت له الظلمات و صلح عليه امر الدنيا و الاخرة
من ان تنزل بى غضبك او يحل على سخطك
لك العتبى حتى ترضى و لا حول و
لا قوة الا بك

اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك
حتى لا أرجو أحداً غيرك

Wednesday, 19 August 2009

تاج الأحلام


أولاً
رمضان كريم و كل سنة و كلكم طيبين
اللهم بلغنا رمضان و اجعله لنا مغفرة و رحمة و عتق من النار
ثانياً
حبيبتي و روح قلبي شيمو القمر اعترافات قلب أهدتني تاج حلو قوي وده تالت تاج!ودي حاجة عظيمة بصراحة...أنا كان نفسي في تاج بقى عندي تلاتة


بسم الله الرحمن الرحيم
أذكر خمس أحلام على الاقل ..تخص ماضيك وتحلم فيها بتغيير اشياء .. ماذا ستعدل وماذا ستترك؟
كل أحلام زمان لسة زي ما هي أحلام و بس مش حعدل فيها حاجة عشان هي تخص واحدة تانية غيري أنا دلوقتي و أنا تركتها كلها لأن مفيش أي حلم منها اتحقق


1-كان نفسي أبقى صحفية أغير حاجات كتير مش عجباني بقلمي
و بقيت دكتورة أسنان بغير بس في سنان الناس و هما خايفين مني!
2- كان نفسي أسافر و ألف الدنيا كلها
ولحد دلوقتي مش عارفة حتى أروح أعمل عمرة
3-كان نفسي ربنا يرزقني ببنت تبقى صاحبتي و حبيبتي
و نحكي لبعض كل حاجة..و دلوقتي أنا عندي ولدين قرود كل لما أسأل أي واحد منهم على أي حاجة يقول لي مش فاكر-بس الحمد لله على نعمته وفضله-غيري مش لاقي خالص
4-كان نفسي مجرحش حد طول ما أنا عايشة بس اكتشفت ان احنا طول ما احنا في الدنيا لازم نجرح و نتجرح
5-كان "نفسي في دنيا يحبها ناسها..و تحب ناسها تشيلها فوق راسها..و الحب ساسها و داب في أنفاسها"! ...مش بقولكم أحلام..أحلام و بس

أذكر خمس أحلام على الأقل ..تخص مستقبلك ؟

1-بحلم اني أدخل الجنة عشان ألاقي فيها اللي ملقتوش في الدنيا
2-بحلم ان ربنا يخليلي جوزي و يخلينا مع بعض على طول من غير ما نظلم حد
3-بحلم ان ربنا يحفظ ولادي و يحميهم و يفضلو يحبوني حتى نص ما أنا بحبهم و
يكبرو و يشرفو بلادهم و دينهم و يعيشوا في بلد بتاعتهم مش بتاعت ناس غيرهم
4-بحلم أزور بيت ربنا و لو مرة واحدة في حياتي
5- بحلم ابقى كاتبة مش مشهورة قوي يعني ..ويتنشرلي روايات و قصص قصيرة

برضه كلها أحلام..أحلام و بس!

أذكر شخصين على الأقل .متواجدين فى حياتك حاليا ..كنت تود وجودهم قبل الآن بزمن ....
هو شخص واحد بس..جوزي
لو كان موجود من زمان كانت حاجات كتيييييير قوي اتغيرت في حياتي

أذكر شخصين على الأقل غير متواجدين فى حياتك حاليا كنت تود وجودهم الان او فى حياة اولادك مستقبلا .. ؟
الرسول عليه الصلاة و السلام عشان ولادي يتعلمو يحبوا دينهم صح
عبد الناصر عشان يتعلموا يحبوا بلدهم صح

تحدث عن ستة أسرار قد لا يكتشفها من يقابلك للمرة الأولى ؟
ا- كمية المشاكل اللي في حياتي
2- اني أم لولدين أكبرهم عنده 6 سنين(أصل شكلي ميديش خاااااالص) ز
3-اني بخاف من بكرة قوي
4-ان الجنون والجرأة الزائدة أحيانا وراهم سنين كبت طويييييلة
5-ان الهزار الكتيرو الضحك وراهم قلب موجوع و سخرية مريرة من الواقع

تهدي التاج دا لمييييييييين؟

لفاتيما

ولكل اللي عايزه


خلاص كدة

كل سنة و انتم طيبين

Friday, 7 August 2009

لم تعد هناك





هناك..في الركن المنزوي البعيد..فوق الطاولة الخشبية المنسية..تجلس ساكنة ..تمد يداً متكسرة الأصابع للهواء الخالي من الرفقة و الونس..
صمتها -المفروض عليها- هو بعض من صمت أكبر يحيط بها..أدارت ظهرها لكل شيء و سقطت طواعية في ذكرياتها التي لا تخص سواها..

دفء المخمل الأزرق و أمان الصندوق الذهبي ذو الفراشات الملونة ونعومة أوراق الورد المجفف المنثورة حولها..
ثم يد ناعمة تخرجها ببطءمن عالمها الآمن..تتحسس بشرتها العاجية البيضاء..وجهها المنحوت بدقة و ابتسامتها الواعدة..يدها ذي الأصابع الرقيقة الممدودة في أمل و فستانها الأبيض ذو الثنيات الأنثوية الدقيقة..
تضمها اليدالناعمة برفق لحضن تفوح منه رائحة الأوركيد الممزوجة بالفانيليا الطازجة..لتتغير بعد ذلك الأماكن وتبقى تلك الرائحة دليلها و أمانها..
تجلس حيناً على الطاولة المجاورة لفراش صاحبتها و حيناً فوق المكتب الصغير..فهي أول هداياه اليها و أعزها لديها.. لذلك تبقيها بجوارها أينما كانت..
تنتقل بعد ذلك لمنزل أكثر حميمية تفوح منه -بجوار رائحة الأوركيد و الفانيليا الطازجة- رائحة القرفة حيناً و البرتقال حيناً و الدفء دائماً..
تجلس في فخر على الطاولة الرخامية العالية في مقدمة المنزل تستقبل القادمين بيدهاً الممدودة ترحاباً!

بات مكانها دولاب التحف المغلق الذي لا تفوح منه سوى رائحة الهواء الذي لا يتجدد..
تفتحه صاحبتها كل فترة لتزيح عنها الأتربة وتتحسسها في خلسة من طفلها الذي تستطيع يده أن تطول كل ما هو ثمين!

أخيراً تحررت من حبسها الذي دام أعواماً طويلة..لم تعد للطاولة الرخامية الخضراء, لأنها لم تعد هناك..
تقبلت مكانها الجديد فوق طاولة خشبية منخفضة في ركن هادئ بعيد..و لكن أشياء كثيرة لم تعد هناك..
رائحة الأوركيد و الفانيليا الطازجة..لمسة اليد الناعمة..رائحة القرفة و البرتقال الآتية من المطبخ..صوت الضحكات و الهمس القادم من الحجرة البعيدة..الدفء المحيط بكل شيء..
الصمت هو كل ما كان هناك..الصمت و رائحة الأتربة التي راحت تتراكم فوق بياضها العاجي!

ذات يوم..كسر الصمت أصوات عالية متداخلة..وامتلأ الهواء برائحة الغضب..
أصوات ارتطام و أشياء تتكسر..كلمات قاسية و ردود جارحة..الأصوات تقترب..
تشعر أخيراً باليد الناعمة تحملها من مكانها..
ثم تشعر باندفاع الهواء أو اندفاعها هي في الهواء..
ثم ترتطم بشيء صلب بارد..ثم..الصمت مرة أخرى..
ثم لا شيء..
لأنها هي أيضاً لم تعد هناك

Tuesday, 21 July 2009

لأعلى



أمضي في طريق خافت الإضاءة ..تسير بجواري والدتي..نتحدث عن أشياء لاأذكرها..تتركني و تتجه يمينا وتختفي..
أقف وحدي في منتصف الطريق و حولي أصوات متداخلة لأشخاص يتحدثون همساًو يضحكون..
أشعر بتعب فأجلس على مقعد لاأدري من أين جاء ليستقر في وسط الطريق..
أشرد بأفكاري قليلاً أو ربما كثيراً لأفيق على يد فوق كتفي الأيسر لا تهزني و لا تحاول أن تعيدني من أفكاري البعيدة
إنما تبقى هادئة و كأنها فقط وجدتني ثم راحت تنتظر أن أعود وحدي من حيث كنت..
أرفع بصري ببطء لأنظر لليد ذي التجاعيد الرقيقة و العروق الزرقاء الشاحبة..
أرفعه أكثر لأنظر لوجه صاحبة اليد..جدتي تنظر إلي بحنان ينير وجهها الابتسامة و الرضا..
صامتة لا تقول شيئاً و يدها لا تغادر مكانها..تتسارع دقات قلبي ..نبقى هكذا قليلاً أو ربما كثيراً..يدها و ابتسامتها لا يتحركان..
أقوم أخيراً من مكاني و أسير بجوارها..الخوف و الأسئلة يعصفان بي..دقات قلبي تتسارع أكثر و أكثر ..
خلى الطريق من كل من فيه..تلاشت الأضواء الخافتة .. خفتت الأصوات جميعاً فما عاد يسمع سوى رجع الصمت..
نتوقف..أنظر لأعلى..أرى طائراً قد طغى سواده على لون السماء الذي غاب عنها القمر فبات من الممكن رؤيته..
رفرف بجناحيه الكبيرين..أنظر اليهما في هيبة لأكتشف تحتهما طائرين صغيرين يحاولان اللحاق به..
يرتفعوا معاً لأعلى فأحاول جاهدة أن أتابعهم في تلك الظلمة الحالكة التي تحيط بكل شيء..
تضيء نجمة..ثم نجمتين..ثم ثلاثة..
ثم تحيط النجوم بالموكب الصاعد لأعلى..و هالة من ضوء حولهم.. تزداد اتساعاً كلما ازدادوا ارتفاعًا
تهدأ دقات قلبي ..يتضاءل الخوف و تزول الهيبة و تتبخر الأسئلة..
أنظر حولي فلا أجد جدتي -رحمها الله- و لا أجدني!
تمت

Tuesday, 7 July 2009

قهوة صباحية


أجلس أمام قهوتي الصباحية ..أبخرتها الساخنة تتصاعد أمام عيني فتضبب رؤيتي و تجعلني أرى الأشياء و كأني داخل حلم!أحاول جاهدة الذهاب بأفكاري بعيداً عن مشاكلي التي لا تنتهي و خوفي الذي لا يتوقف و الذي يكاد حقاً أن يبتلعني!أحدق في سطح السائل البني الذي تتجمع فوقه الأبخرة و كأنها تفضل البقاء هناك إلي الأبد..ثم تبدأ مضطرة رحلتها الحتمية في الدوران و التصاعد و الذوبان في أرجاء الهواء و المكان معبقة اياهما بالرائحة التي تحمل معها ألف ذكرى


صباحات بعيدة تملأها برودة محببة و رائحة القهوة تعبق الطريق شبه الخالي-المؤدي إلى مدرستي- فتجذبني دون أن أشعر لداخل المكان الخاوية طاولته لتذوق ذلك السائل المحرم بحكم السن و العادة البائدة بأن القهوة فقط للكبار وللرجال!أرشف أولى قطراتها التي تملأفمي مرارة لم أستطع تحملها وقتها.. فأعترف سراً لنفسي أن أمي-كما هي دائماً- على حق في تحذيراتها لي من القهوة و الرجال..و أهم أن أغادر الا أن شيئاً ما يدعوني بإلحاح لتذوق رشفة واحدة أخرى ..إغواء خالص من دفء و غموض لا يمكن مقاومته..يملأ السائل الساخن فمي و قد استسغت مرارته ,لأبدأ رحلة اكتشاف ملمس الذرات الخشنة على طرف لساني تداعبه قليلاً ثم تذوب تماماً تاركة خلفها احساس وقتي بالدفء و رغبة متنامية في الشعور به مجددا بعد ذهابه ..و يستمر الإغواء بطيئاً حتى أخر قطرة في الفنجان..لأكتشف عندها أن ليس كل ما تقوله أمي صحيحاً و لتصبح بعدها عادة صباحية دائمة!
صباحات أقل بعداً و أقسى برودة بالرغم من كونها صباحات منزلية.. صداع لا أستطيع العيش معه الا بعد فنجان القهوة المسروق -كالعادة- لأن القهوة في اعتقاد الرجال لا تليق بالنساء! و الأسوأبالطبعً ان كانت خالية تماماً من أي ذرة سكر..فناجين القهوة المرة على مدار اليوم كانت تخفف من ثقله و تساعد على مروره بالرغم من أنها لم تكن تستطيع أن تطغى على مرارته


صباحات دافئة تملأها الشمس بوعود بإكتشاف البهجة و الفرح المخبأ في الزوايا و خلف الستائر الملونة .. فيبدو من الطبيعي أن تكون القهوة زائدة الحلاوة وفائقة الدلال فتكتسب طعم الفانيليا حيناً و طعم البندق أحياناً..و يصبح لكل صباح قهوته الخاصة و التي تعد بلون بقية اليوم و طعمه

أجلس صامتة أمام قهوتي الصباحية و قد غاب عنها بخارها و بقى دفئها..أقربها ببطء من فمي..أرتشف رائحتها المميزة بأنفي ثم أتذوقها أخيراً و قد ملأتني فكرة واحدة..ترى كيف ستبدو قهوة الغد؟

Friday, 5 June 2009

ابحار


يتهادى في عينيك البحر

فتسافر أشرعة الصبح لأمواج الليل

تلقيني في العشق و تبحر للشوق قلوعي

بي برق يتخطفني

و أكاد أحس الرعد يشق ضلوعي

تتعتق في عينيك جراحي

فتسقيني شفتيك رويداً من ملح دموعي

خذني من عندك للناس

أريهم كيف يكون الحب لديك

بل خذني من عند الناس إليك

أتمدد في كفيك كقبلة

أو أتشاقى بين يديك كطفلة

Monday, 25 May 2009

وجع





كتلة حجرية ثقيلة تسقط في المسافة ما بين قلبك و رئتيك.. تجعلك تشعر بصعوبة بالغة مع كل نفس تأخذه..و اضطراب في دقات قلبك,فلا تدري إن كانت تتباطئ يأساً أم تتسارع ترقباً.. فقط تدري أنها قد صارت تؤلمك!
غصة مريرة تقف في حلقك تمنعك من أخذ أنفاسك بسهولة أو اخراجها براحة..فتشعر أنك في حاجة دائمة إلى هواء لا تجده!
يد قاسية تعتصر معدتك و أحشائك.. تشعرك مع كل حركة أو محاولة فاشلة لتناول الطعام بألم خفي يطغى على أي إحساس طبيعى بالجوع أو بالعطش أو حتى بالرغبة في الحياة نفسها!
الكلمات ثقيلة جداًعلى اللسان فيصبح من الأفضل استبدالها بالإيماءات القصيرة و النظرات التائهة و التنهدات الحارة ..و الصمت المريح!
الدموع قريبة جداً من عينيك ثم ملئها..على أهبة الإستعداد للإنهمار في أية لحظة و لأتفه سبب..ترى لمعانها بإستمرار في عينيك..فتضيف شجناً إلى حزنهما المنكسر.. البادي للجميع !
أطرافك تخذلك في حركتها التي اعتدتها منها..فتراها تتثاقل فتعوق حركتك السلسة..أو تتراخى فلا تكاد تحمل أشيائك أو أشلاءك!
أفتقدك
وتفتقدك كل أجزائي
و تئن ذراتي ألماً لإفتقادك
أفتقد حياتي و أنت فيها.. لأنها بدونك وجع لا يتوقف
و وجيعة لا تنتهي

Monday, 18 May 2009

أنوار لامعة


لم أعد أستطيع التمييز بوضوح إن كان ما يحدث هو حلم لأشياء تمنيت حدوثها لدرجة أنني بت أراها واقعاً..أم أنه واقع يفوق الخيال جمالأ فكان من الطبيعي أن يكون مكانه الأحلام..

آخر ما أستطيع الجزم بحدوثه هو أننا كنا قد افترشنا الأرض و الوسائد في حجرة المعيشة ذي الإضاءة الخافتة, تاركين الأريكة لهاتفينا المحمولين و الريموت كنترول وعلبة السجائر و منفضدتها..كنا نتحدث ًعن شيء جنوني نريد أن نفعله يوماً ما.. وكنا نتحدث همساً بالرغم من أن البيت كله لنا وحدنا..ربما لإضافة المزيد من التشويق و الإثارة للفكرة.. أو ربما لأن الساعة كانت قد تجاوزت الواحدة صباحاً..أو ربما لأنني أعشق نبرات صوتك و هي تتخللني بهمس أعذب من اللمس !

برودة هواء البحر تصطدم بوجهي الساخن فأشعر بخدر لذيذ..سرعة السيارة تزيد من احساسي بالدوار اللذيذ..و صوت "حماقي" المرح دائماً و هو ينادي حبيبته ليخبرها عن أحلى ما فيها يتآمر مع يدك الدافئة دائماً و قد احتوت يدي..فيجعلاني أوقن أن تلك الأغنية قد كتبت خصيصاً لي و لتلك اللحظة على وجه التحديد!

يرتفع الصوت ليملأ الفراغ في السيارة المندفعة بنا و الهواء المحيط بها و السماء و الكون المحيطين بكل هذا..أنظر حولي فأرانا الأسرع و الأسعد و الأكثر تألقاً ..
لا أستطيع تمييز الوجوه التي تنظر في اتجاهنا-دهشةً و استغراباً في الغالب- داخل السيارات التي نمر بها و نتركها خلفنا ..كل ما أستطيع تمييزه هو ألأضواء المنبعثة منها و التي كانت -بكل تأكيد-تتراقص..فيتبادل الأحمر دوره مع الأبيض في توافق تام مع الموسيقى..أما إشارات المرور فقد قررت التوقف عن تبادل الألوان و الثبات على الأصفر لإحداث التوازن و إضافة البهجة إلى الصورة!

"عارفة أحلى حاجة فيكي ايه..بتحلي أي شيء عينيكي تيجي فيه.. قمر ده ايه اللي تتساوي بيه؟!"

أنظر بإتجاه القمر فأراه فضياً لامعاً أكثر من المعتاد..يرسل إلي بابتسامة وهمسة..انت سعيدة! أنظر لوجهي في مرآة السيارة فأجد في عيني بريقاً يفوق لمعان فضة القمر..فأهمس له متنهدة..آآآه!

"قلبي عقلي روحي عمري دول ليكي ..مش حردهم عمري و لحد لآخر يوم في عمري شاريكي.."

تزداد نعومة الطريق من تحتنا..فيزداد تلقائياً اندفاع السيارة بنا..ويصبح الطريق كله ملكاً لنا وحدنا و قد أحاطه من الجانيبين خطين من ضوء ذهبي لا ينتهي.. كانا في الأصل أعمدة إنارة متتلاية وقد باتت متصلة من شدة السرعة!!

أغمضت عيني و قد ملأني يقين مضيء..حلم كان أم حقيقة فإن الفرحة التي تملأ قلبي أنت سببها ..و البهجة التي تملأ صحوي و منامي أنت صانعها..و الأنوار التي تضيء أيامي و تلونها انت مصدرها!