Friday, 7 August 2009

لم تعد هناك





هناك..في الركن المنزوي البعيد..فوق الطاولة الخشبية المنسية..تجلس ساكنة ..تمد يداً متكسرة الأصابع للهواء الخالي من الرفقة و الونس..
صمتها -المفروض عليها- هو بعض من صمت أكبر يحيط بها..أدارت ظهرها لكل شيء و سقطت طواعية في ذكرياتها التي لا تخص سواها..

دفء المخمل الأزرق و أمان الصندوق الذهبي ذو الفراشات الملونة ونعومة أوراق الورد المجفف المنثورة حولها..
ثم يد ناعمة تخرجها ببطءمن عالمها الآمن..تتحسس بشرتها العاجية البيضاء..وجهها المنحوت بدقة و ابتسامتها الواعدة..يدها ذي الأصابع الرقيقة الممدودة في أمل و فستانها الأبيض ذو الثنيات الأنثوية الدقيقة..
تضمها اليدالناعمة برفق لحضن تفوح منه رائحة الأوركيد الممزوجة بالفانيليا الطازجة..لتتغير بعد ذلك الأماكن وتبقى تلك الرائحة دليلها و أمانها..
تجلس حيناً على الطاولة المجاورة لفراش صاحبتها و حيناً فوق المكتب الصغير..فهي أول هداياه اليها و أعزها لديها.. لذلك تبقيها بجوارها أينما كانت..
تنتقل بعد ذلك لمنزل أكثر حميمية تفوح منه -بجوار رائحة الأوركيد و الفانيليا الطازجة- رائحة القرفة حيناً و البرتقال حيناً و الدفء دائماً..
تجلس في فخر على الطاولة الرخامية العالية في مقدمة المنزل تستقبل القادمين بيدهاً الممدودة ترحاباً!

بات مكانها دولاب التحف المغلق الذي لا تفوح منه سوى رائحة الهواء الذي لا يتجدد..
تفتحه صاحبتها كل فترة لتزيح عنها الأتربة وتتحسسها في خلسة من طفلها الذي تستطيع يده أن تطول كل ما هو ثمين!

أخيراً تحررت من حبسها الذي دام أعواماً طويلة..لم تعد للطاولة الرخامية الخضراء, لأنها لم تعد هناك..
تقبلت مكانها الجديد فوق طاولة خشبية منخفضة في ركن هادئ بعيد..و لكن أشياء كثيرة لم تعد هناك..
رائحة الأوركيد و الفانيليا الطازجة..لمسة اليد الناعمة..رائحة القرفة و البرتقال الآتية من المطبخ..صوت الضحكات و الهمس القادم من الحجرة البعيدة..الدفء المحيط بكل شيء..
الصمت هو كل ما كان هناك..الصمت و رائحة الأتربة التي راحت تتراكم فوق بياضها العاجي!

ذات يوم..كسر الصمت أصوات عالية متداخلة..وامتلأ الهواء برائحة الغضب..
أصوات ارتطام و أشياء تتكسر..كلمات قاسية و ردود جارحة..الأصوات تقترب..
تشعر أخيراً باليد الناعمة تحملها من مكانها..
ثم تشعر باندفاع الهواء أو اندفاعها هي في الهواء..
ثم ترتطم بشيء صلب بارد..ثم..الصمت مرة أخرى..
ثم لا شيء..
لأنها هي أيضاً لم تعد هناك

2 comments:

شيماء جمال(شيمو القمر) said...

دودى حبيبتى ازيك؟
وحشانى قوى

البوست بيحسسنى بالرويات التى طالما سرحت بخيالى الصغير معهاوأنا طفلة
ولكن هناك شئ
لم تصلنى الفكرة كاملة
او تعثر على بعض الفهم

تحياتى لك
شيمو القمر

dahlia.. said...

ازيك يا شيمو..وأنت كمان وحشاني قوي و نفسي أشوفك..البوست فعلا ممكن يكون غامض شوية عشان اللي بتتكلم فيه عروسة عاج أهداهاحبيب لحبيبته..و بتحكي عنتطورات العلاقة بينهم من رؤيتها هي..شكراًلمرورك الدائم وكونك دائما في المقدمة