لحظة الاستيقاظ هي أصعب اللحظات..حين أفتح عيناي في الصباح و أحدق في الفراغ لوهلة..فأدرك انك لم تعد هنا!ثم أدرك بالتبعية أنني سأواجه هذا العالم وحدي!!
ترتفع غصة مرارة الى الحلق..و تخرج آهة مرتعشة من الصدر و تنساب دمعه فقد و حسرة لتستقر فوق الوسادة الخالية!أحتاج لجهد خرافي كي أتحرك من مكاني..أنظر الى السماء من خلف ستائري المنسدلةة,فتبدو لي أقل زرقة و أكثر تباعدا!
سألتني ذات يوم "هل الأشياء تشعر بنا؟!"..تعالى الان لترى الرد على سؤالك!
تعالى لترى الوسادة و قد انكمشت في وحدة..ضائعه وسط فراغ كنت قد ملأته بالأمس دفئا و حنانا و أمانا! تعالى لترى المقعد الوثير و قد كف عن فتح ذراعيه ترحيبا بأى شخص..فهو يريدك أن تكون أخر من احتضن!
تعالى لترى الممر الطويل و قد صار أكثر طولا..و أشد برودة و أكثر وحشة و أنا أسير فيه بتثاقل حافية القدمين!
تعالى لترى المنشفة و فرشاة الشعر و المرآه و هم يحدقون الي ويتهامسون في خيبة أمل"ليس هو!"
تعالى لترى كوب الشاي القابع فوق المنضدة منذ الأمس,و هو يتباعد عن أصابعي كلما حاولت أن أقترب منه لأزيل بقاياك عنه,فأنظر اليه في شفقة.و أتحسس حوافه في شوق,ثم أتركه في مكانه في تفهم تام!
تعالى لترى ملابسي و هي ترجوني في صمت يائس أن أتركها حيث هي لتنذوي بهدوء حتى تعود أنت لتراك و تراها فترى الحياه من جديد!
تعالى لترى زجاجة العطر العنيدة و هي تحدق الي في استنكار غاضب كلما حاولت أن أقترب منها!
تعالى لتراني أنا وسط كل هذه الأشياء..و أنا أبدو أكثر هشاشة ..و أقل جمالا..و أبعد ما أكون عن نفسي!
تعالى لأراك!مرة واحدة أخيرة..ثم ارحل من جديد!مرة واحدة لأتيقن أكثر من لون عينيك و حدود شفتيك اللامتناهية حين تبدأ في الابتسام!
لأصبح أكثر تأكدا من ملمس شعرك..و ثيابك!تعالى لتعطي الهواء فرصة أخيرة ليتشبع أكثر بعطرك!و تعطي المكان لذة أن يمتلأ من جديد بوجودك!
تعالى لتعيد للنهار لونه.. و للألوان بهجتها..و للبهجة أغانيها.. و للأغاني كلماتها..وللكلمات حروفها.. و للحروف رونقها!تعالى لتعيد للنجوم بريقها و لليالي دفئها..و للقمر رفيق السهر!!تعالى لتعيد لجميع الأشياء ما ضاع منها....تعالى.. لأنني أنا و كل الأشياء نفتقدك!!