أمضي في طريق خافت الإضاءة ..تسير بجواري والدتي..نتحدث عن أشياء لاأذكرها..تتركني و تتجه يمينا وتختفي..
أقف وحدي في منتصف الطريق و حولي أصوات متداخلة لأشخاص يتحدثون همساًو يضحكون..
أشعر بتعب فأجلس على مقعد لاأدري من أين جاء ليستقر في وسط الطريق..
أشرد بأفكاري قليلاً أو ربما كثيراً لأفيق على يد فوق كتفي الأيسر لا تهزني و لا تحاول أن تعيدني من أفكاري البعيدة
إنما تبقى هادئة و كأنها فقط وجدتني ثم راحت تنتظر أن أعود وحدي من حيث كنت..
أرفع بصري ببطء لأنظر لليد ذي التجاعيد الرقيقة و العروق الزرقاء الشاحبة..
أرفعه أكثر لأنظر لوجه صاحبة اليد..جدتي تنظر إلي بحنان ينير وجهها الابتسامة و الرضا..
صامتة لا تقول شيئاً و يدها لا تغادر مكانها..تتسارع دقات قلبي ..نبقى هكذا قليلاً أو ربما كثيراً..يدها و ابتسامتها لا يتحركان..
أقوم أخيراً من مكاني و أسير بجوارها..الخوف و الأسئلة يعصفان بي..دقات قلبي تتسارع أكثر و أكثر ..
خلى الطريق من كل من فيه..تلاشت الأضواء الخافتة .. خفتت الأصوات جميعاً فما عاد يسمع سوى رجع الصمت..
نتوقف..أنظر لأعلى..أرى طائراً قد طغى سواده على لون السماء الذي غاب عنها القمر فبات من الممكن رؤيته..
رفرف بجناحيه الكبيرين..أنظر اليهما في هيبة لأكتشف تحتهما طائرين صغيرين يحاولان اللحاق به..
يرتفعوا معاً لأعلى فأحاول جاهدة أن أتابعهم في تلك الظلمة الحالكة التي تحيط بكل شيء..
تضيء نجمة..ثم نجمتين..ثم ثلاثة..
ثم تحيط النجوم بالموكب الصاعد لأعلى..و هالة من ضوء حولهم.. تزداد اتساعاً كلما ازدادوا ارتفاعًا
تهدأ دقات قلبي ..يتضاءل الخوف و تزول الهيبة و تتبخر الأسئلة..
أنظر حولي فلا أجد جدتي -رحمها الله- و لا أجدني! تمت