Tuesday, 24 February 2009

نهاية عالم الريح


لذا علي أن أعود

إلى أماكن كثيرة قادمة

كي ألتقي بنفسي

أتفحصها دون توقف

و دون ما شاهد غير القمر

أصفر بعدها فرحاً

و أنا أطأ حجارة و تراباً

دون ما هم سوى العيش

و دون ما أسرة غير الطريق




بابلو نيرودا

Wednesday, 18 February 2009

أغنية و حنين


و احنا تايهيين ع الحدود..مستمريين في الصعود..اختفى النيل الجميل من تحتنا, و المدن و الريف, و أول عمرنا.و ابتدا شئ ينجرح جوا الوجود, و ابتدينا أسئلة ملهاش ردود.. ميلنا ع الشباك نخبي دمعة فرت مننا!

الوطن هو كل ما لنا و غالبية ما لدينا..هو أحضان من نحب و صوت من يحبوننا..هو لهفة الأهل و حسرتهم على حالنا..هو سند أبنائنا و أمانهم الذي ما عاد أماننا!هو مطر يناير و رياح مارس و حر أغسطس..هو شوارع مبللة إن لم تكن الأجمل فهي الأكثر ألفة..هو رائحة البحر و أجنحة النورس و لون النيل و زحام الناس و طعم الخبز الخارج توا من نار الفرن!هو أحلامنا الصغيرة و انكساراتنا الكبيرة و خيباتنا التي لا تنتهي


بصة م الشباك على البحر البعيد..و احنا رايحيين بالآمال عالم جديد..كنت فاكرة يا مصر اني تعبت منك..اكتشفت اني محال أستغنى عنك حتى دوشة صوت جيراني و الزحام وحشوني تاني...بسمة حلوة لطفلة لسة صغيرة,لما كنت
أديها حتة سكرة...قبل منسيبك وحشتينا يا مصر يا أمنا!!

"إن كنت لا تستطيع أن تنسى فتعلم أن تهرب في شجاعة"

أحاول أن أتذكر ان كنت قد قرأت تلك الحكمة في مكان ما أم أنها حكمتي الخاصة بي وحدي,فهي كل ما أستطيع أن أفعل منذ أن أصبح لي ذاكرة..و بالطبع من يملك ذاكرة تتسع لربع قرن من الزمن لا يستطيع أن ينسى بسهولة, فلا يتبقى لديه سوى الحل الآخر.و اذا كان الهروب شجاعا أو جبانا, يائسا أو بحكم العادة فهذا ما تفرضه عليك الظروف و الأسباب و مرور الأعوام.

في البداية أنت تهرب ممن حولك,القريبون منك ,البعيدون جدا عن فهمك..تحاول أن تسمعهم فتلفظهم أذناك , تحاول أن تسمعهم بعض نفسك فيسدون آذانهم مدعيين الإصغاء!تحاول أن لا تلومهم على اختلافك فتلوم نفسك ..و تقرر أن الحل الأفضل هو أن تهرب منها..و مع مرور الوقت و فظاعة غربة النفس عن النفس تقرر أن تتركها هنا و تجرب هروبا أكبر ..تحزم حقيبة فارغة لأنك قد قررت أن تترك كل شيء هنا حتى نفسك


كنت بتذكر و أنا في غاية الأسى لعبنا الكورة في حوش المدرسة..و الشقاوة و احنا لسة صغيريين, و البراءة و الصحاب الطيبين..لما سألتني اللي جنبي انت مصري؟ دق قلبي.. اسم زي السحر رفرف ع المكان..زي نسمة مهفهفة بصوت الادان..أيوة مصريين لآخر كل نقطة في دمنا


تطاردك رائحة الأماكن واحساس البرد في ليالي الشتاءو صوت الأغاني في المقاهي وسيارات الأجرة,و الأنوار التي لا تنطفئ في مدينتك الساهرة الى الأبد..و اذا أذعنت لحنينك يأخذك لمناطق أكثر دفئا و أشد خطورة..لصديقك الأول و حبك الأول و حلمك الأول..للدفء الذي يغمر يدك و هي مختبئة في يد من تحب..لدقات قلبك التي تكاد تقتلك حين تسمع اسمك يخرج همسا حالما من حبيبك..لطعم الثلج و النار الذائبان معا في قبلتك الأولى..لساعات الليل و أحاديثها التي لا تنتهي..لموعود و زي الهوىحين يخيب الأمل و ينقطع الرجاء, و لفيروز و شجنها حين تملأك الوحدة..لأول سيجارة بريئة ثم الأولى غيرالبريئة ثم لإحساسك بأن الأرض باتت شبه كروية حقا و من المستحيل السير فوقها دون أن تنزلق!لأخطائك و لهفواتك و لصوتك العالي الناقض لبلدك و حالها.. لكل ما بها و من بها,لكل ما فيها ومن عليها! و حين يآسرك الحنينو يمنعك عن فعل أي شيء.. فلا تستطيع التنفس أو التحدث أو حتى العيش..يبادرك سؤال منطقي..هل آن لك أن تعود؟ ثم يليه سؤال أكثر منطقية..و هل إفتقدك أحد؟! كم عام مضى و لم تتوقف الحياة بدونك أو من بعدك! تلعن حنينك و ذاكرتك و الأغاني و اليوم الذي سمعتها فيه..وتواصل حياتك كما هي في انتظار معجزة لا تدري أنت نفسك ما هي!!


خاتمة
"ان الهروب هو عظمة الخائفين"






الأغنية المصاحبة أغنية "الحدود" لفرقة الأصدقاء, فاكرنها؟

Monday, 16 February 2009

سؤال؟!


مش عارفة ليه فجأة حسيت اني لوحدي و اني محتاجة أكون مع ناس كتير أعرفهم..يمكن دي أول مرة أتكلم فيها عن نفسي كدة مباشرة..مع ان كل اللي فات ده برضه كان نفسي أو بعض من نفسي أو بعض من اللي نفسي فيه بس بجد و لأيام متتالية كل ماأدخل المدونة و أتابع عدد الزيارات و ألاقيها بتزيد أسأل نفسي مين اللي بيجي هنا؟و هل فيه حد بيجي كتير؟و بيجيي ليه؟أوقات كتير بيبقى نفسي أحكي عن كل الحاجات الغريبة اللي بتحصلي في الدنيا لحد لا يعرفني و لا أعرفه عشان اللي أعرفهم يا إمة خلصوا كل الكلام معايا يا إمة غالبا زهقوا مني!أتمنى حد يرد عليا عشان أحس اني بجد مش في الدنيا لوحدي!

Wednesday, 4 February 2009

انتظار


لا أحد يعرف ما يعنيه الانتظار الا من عاناه...
حين تتشبت عيناك بعقارب الساعة تلعنها و تستجديها..حين تقبض يدك بقوة على خوائها في انتظار يد دافئة أو حلم قادم حتى و ان انسل من بين أصابعك بعد قليل! حين يرهق أذنك ارهاف السمع و يرهقها أكثر اللاسمع..حين تسابق دقات قلبك دقات الساعة الرتيبة و كأنها تستطيع أن تسبقها اليه.. فتتسارع أنفاسك تضامنا, و يدق كل شيء في جسدك انتظارا!ينتابك غضب ساخن ينمو في فراغاتك فيملئها و يملئك . تثور و تتوعد و تقسم أن لن تنتظر أبدا بعد اليوم.ثم تتضاءل و تصغر لتغدو طفلا لا يملك سوى التشبت بما يريد و كأن لا وجود لغيره , و كأنه غاية منتهاك أو منتهى غايتك؟!و حين تطول ساعات الانتظار و تتمدد يلفك ذلك التسامح الأحمق.. لا لوم و لا عتب على الغياب ولا أسباب مقنعة لحدوثه..فقط أن يأتي..أن يأتي متأخرا خير ألف مرة من أن لا يأتي أبدا!!
و اذا كان انتظار الساعات نار حارقة..ففي إنتظار الأيام يغرق الثلج كل شيء! يخبو تحرق الساعات و تحركها في جمود الأيام و تشابهها..و الأيام المتشابهة لا تحسب الا يوم واحد طويل لا ينتهي,لأنه يضعك وجه لوجه أمام يديك العاجزتين عن تغيير أي شيء في الصورة التي لم تعد تحتملها..عن منح أي لون لتلك الصورة التي راحت تفقد ألوانها و بهاءها ..لتسقط في لون الرماد! فتتلون كل تفاصيل حياتك به و تشعر بمرارة طعمه بين شفتيك فيغدو لاطعم و لا لون لأي شيء..و يصبح "أن يأتي أو ان لا يأتي" سواء..حتى انك - في بعض الأحيان-قد تنسى أنك تنتظر وحين تكبر الأيام شهورا..يصبح انتظارك موت بطيء..تذوي حواسك الواحدة تلو الأخرى, فحين يطول الانتظار يضيع المعنى و يصبح من الصعب تذكر ما جعلنا ننتظر كل هذا الوقت و إن كان حقا يستحق الانتظار! و لكنك تستمر في الانتظار على أية حال رغم مرور الساعات و الأيام و الشهور و الأعوام, لأن الانتظار بات حياتك ..وبات جزءا أصيلا منك تماما كعينيك التي ما عادت تنظر للساعة و كأذنك التي أغلقت أبوابها عن السمع و كقلبك الذي تباطئت دقاته فباتت أكثر رتابة من الساعات و الأيام و الزمن و كعقلك الذي ما زال بالرغم من كل شيء يرسل اشاراته الحمقاء لك بأنك ما زلت تنتظر!!

ما زلت أنتظر مع المنتظرين في ساحة انتظار لا تخلو أبدا !الكل حولي ينتظر شيئا ما و لا يجرؤ أحد أن يسأل الآخر عما ينتظر,ربما لأن لكل منهم سره الخاص,أو ربما لأنهم ما عادوا يذكرون ماذا ينتظرون..أو ربما لأنهم- مثلي- ينتظرون ما لا يجيء!!