تداهمني الأربعون ,و كأنها جاءت في غفلةٍ مني ففاجئتني ,و أنا التي أنتظرها منذ أعوام لتأتيني بجلاء البصيرة و الحكمة المؤجلة.. عاهدت نفسي منذ زمن بعيد أن أجلس إليها في ذلك اليوم تحديداً لأن لي معها حديث طويل مؤجل.. لا يصعب عليّ الوفاء بالوعد الآن...كبر الأولاد و صار لكل منهما عالما يخصه يفصلني عنه صمتٌ طويلٌ و أبوابٌ موصدة و حواجزٌ لا تُرى بالرغم من أنها هناك.
هل يمكن أن يحكي شخصٌ ما حكايته فيتمكن من استحضار كل تفاصيلها ليجمعها بين قوسين أو في بضع صفحات و يقدمها إليك قائلا "..هذا هو ملخص ما كان"؟
يصعب التلخيصُ, و الاختزال لا يفي حتى و إن استطاع أن يشير.. فالحكايةُ لا تخصك وحدك , حكايةٌ ممتدةٌ تشابكت و تداخلت مع حكايات الآخرين.
كيف يمكن أن أحكي عن طفولتي و شبابي و أحلامي القديمةِ دون أن أتورطَ مع أشباحٍ أسكنتها ركنَ الذاكرةِ المظلم و أغلقت عليها الباب بإحكام.. كيف أجد الجرأة على إخراجها لحيز النور.. فأعيد الحياة للفتاة الصغيرة التي كنتها و أحببتها لأنها لا تكبر أبدا..للوجوهِ و الأصواتِ و الأفراح المنسية..لأجدها رغم أنفي تشاركني صحوي و نومي و قهوتي و الهواء الذي أتنفسه كل صباح؟ كيف أحكي عن الحب دون أن أنكأ جراحاً اندملت وحكايات اكتملت و مشاعراً يصعب أن تطوقها الكلمات؟.. أستطيع أن أوجز فأقول أن الحب يترك أثره سواء كان لمعةً في العين أو ندبةً في القلب أو مزيجاً من الإثنين.. يقسم الفرح نصفين و الحزن نصفين و القلب نصفين و العافية نصفين..و لكنه يعطي المعنى للحياة.. كيف أستطيع أن أُتتبع رحلة عمرٍ كامل و أنا لاأدري حقاً متى و كيف بدأت.. فحين ظننت أنني أقف في انتظار القطار الذي يخصني كانت قد حملتني قطارات أخرى تخص غيري و مضت ..بنيت حياةً كاملة من التفاصيل و عشتها و أنا - وياللعجب - ما زلت أنتظر هناك.. و لم العجب و الانتظار فعلٌ ملازمٌ للحياة و ليس بديلاً عنها و إن بدا غير ذلك..
كيف أحكي عن صغيرٍ أكبر من الكف بقليل و لكنه دون شك أكبرُ معجزةٍ تمنحنا اياها الحياة..ثم تمنح الحياةُ من جديد و تصبح المعجزةُ اثنتين..أراقبهما في جذلٍ فتستهلكني تفاصيلهما بالكامل و أغرق فيها..الضحكة الأولى و الخطوة الأولى و السن الأول. الكلمة الأولى و يوم المدرسة الأول و الامتحان الأول.. طعم أول نجاح وأول احباط و أول جدال و أول خصام.. تتكرر الأشياء و تتشابه الأيام و تتباين.. أيام نحبها و أيام لا نفهمها ..أيام ننتظرها و أيام لا ندري كيف مرت .. تمضي الحياة بصخبها اليومي و تفاصيلها المنهكة و الضوضاء المصاحبة لكل ما سبق .. و في ضوضاء العائلة يجد القلب السكينة فيسكن و يستكين.. ثم و في غمضة عين يصبح الصغيران صبيَين يستعجلان الزغب يريدانه شاربا ليصبحا رجلين و يمضيان.. يضيق شريكُ العمر بحياةٍ لا يراها عادلة في وطنٍ يحترف الظلم منذ قرون فيقرر أخيراً أن يطارد أحلامه خلف أفاقٍ بعيدة في بلاد النفط أو بلاد الثلج أو أي مكانٍ ليس هنا..أدرك جيداً أنها سُنةُ الحياة فلا اعتراضٌ و لا سخط .. فقط سؤالٌ لحوحٌ يبحث عن اجابة شافية....ماذا أريد أنا؟! يباغتني السؤال و يفاجئني أنني لا أتذكر الإجابة.. لم يسأل أحدٌ هذا السؤال منذ زمنٍ بعيد و لا حتى أنا! أين أذهب بعد أن يمضي قطار الآخرين بدوني حاملا معه التفاصيل التي بنيتها في أناة و سميتها حياة.. أقف اليوم فوق تلة العمر و أرى السفح من الجانبين بوضوح.. أرى الجزء الذي يخصني وحدي وقد تضائل حتى أصبح يُرى بالكاد..أرى كل عامٍ مضى حكاية قصيرة مكررة لا بداية لها و لا نهاية... لا عبرة فيها و لا عظة.. لا حكمة فيها و لا رجاء.. بلغتُ الأربعين و كبرت الفتاة التي أحببتها لأنها لا تكبر أبداً.. فلا أصبحت الشخص الذي أردت أن أكونه و لا أحببت الشخص الذي صرته.. بلغت الأربعين و أنا لا أعرف موضع قدماي على الأرض و لا موضع طريقي في السماء فلا أدري أأبكي العمر الذي مضى دون جدوى أم العمر السائر بلا هدى..
أرى أنني وبكامل ارادتي صنعت كرات ثلج صغيرة مع كل خيار خاطئ ظننته الأفضل في وقتها..أكتشف أن خيارتنا الأفضل قد تصبح مع الأيام مسببات لأحزاننا و ألامنا ..أرى كرات الثلج و قد تجمعت و أصبحت كرة هائلة تستعد الأن لمطاردتي و أنا أنحدر إلى الجانب الآخر من التلة
يصعب التلخيصُ, و الاختزال لا يفي حتى و إن استطاع أن يشير.. فالحكايةُ لا تخصك وحدك , حكايةٌ ممتدةٌ تشابكت و تداخلت مع حكايات الآخرين.
كيف يمكن أن أحكي عن طفولتي و شبابي و أحلامي القديمةِ دون أن أتورطَ مع أشباحٍ أسكنتها ركنَ الذاكرةِ المظلم و أغلقت عليها الباب بإحكام.. كيف أجد الجرأة على إخراجها لحيز النور.. فأعيد الحياة للفتاة الصغيرة التي كنتها و أحببتها لأنها لا تكبر أبدا..للوجوهِ و الأصواتِ و الأفراح المنسية..لأجدها رغم أنفي تشاركني صحوي و نومي و قهوتي و الهواء الذي أتنفسه كل صباح؟ كيف أحكي عن الحب دون أن أنكأ جراحاً اندملت وحكايات اكتملت و مشاعراً يصعب أن تطوقها الكلمات؟.. أستطيع أن أوجز فأقول أن الحب يترك أثره سواء كان لمعةً في العين أو ندبةً في القلب أو مزيجاً من الإثنين.. يقسم الفرح نصفين و الحزن نصفين و القلب نصفين و العافية نصفين..و لكنه يعطي المعنى للحياة.. كيف أستطيع أن أُتتبع رحلة عمرٍ كامل و أنا لاأدري حقاً متى و كيف بدأت.. فحين ظننت أنني أقف في انتظار القطار الذي يخصني كانت قد حملتني قطارات أخرى تخص غيري و مضت ..بنيت حياةً كاملة من التفاصيل و عشتها و أنا - وياللعجب - ما زلت أنتظر هناك.. و لم العجب و الانتظار فعلٌ ملازمٌ للحياة و ليس بديلاً عنها و إن بدا غير ذلك..
كيف أحكي عن صغيرٍ أكبر من الكف بقليل و لكنه دون شك أكبرُ معجزةٍ تمنحنا اياها الحياة..ثم تمنح الحياةُ من جديد و تصبح المعجزةُ اثنتين..أراقبهما في جذلٍ فتستهلكني تفاصيلهما بالكامل و أغرق فيها..الضحكة الأولى و الخطوة الأولى و السن الأول. الكلمة الأولى و يوم المدرسة الأول و الامتحان الأول.. طعم أول نجاح وأول احباط و أول جدال و أول خصام.. تتكرر الأشياء و تتشابه الأيام و تتباين.. أيام نحبها و أيام لا نفهمها ..أيام ننتظرها و أيام لا ندري كيف مرت .. تمضي الحياة بصخبها اليومي و تفاصيلها المنهكة و الضوضاء المصاحبة لكل ما سبق .. و في ضوضاء العائلة يجد القلب السكينة فيسكن و يستكين.. ثم و في غمضة عين يصبح الصغيران صبيَين يستعجلان الزغب يريدانه شاربا ليصبحا رجلين و يمضيان.. يضيق شريكُ العمر بحياةٍ لا يراها عادلة في وطنٍ يحترف الظلم منذ قرون فيقرر أخيراً أن يطارد أحلامه خلف أفاقٍ بعيدة في بلاد النفط أو بلاد الثلج أو أي مكانٍ ليس هنا..أدرك جيداً أنها سُنةُ الحياة فلا اعتراضٌ و لا سخط .. فقط سؤالٌ لحوحٌ يبحث عن اجابة شافية....ماذا أريد أنا؟! يباغتني السؤال و يفاجئني أنني لا أتذكر الإجابة.. لم يسأل أحدٌ هذا السؤال منذ زمنٍ بعيد و لا حتى أنا! أين أذهب بعد أن يمضي قطار الآخرين بدوني حاملا معه التفاصيل التي بنيتها في أناة و سميتها حياة.. أقف اليوم فوق تلة العمر و أرى السفح من الجانبين بوضوح.. أرى الجزء الذي يخصني وحدي وقد تضائل حتى أصبح يُرى بالكاد..أرى كل عامٍ مضى حكاية قصيرة مكررة لا بداية لها و لا نهاية... لا عبرة فيها و لا عظة.. لا حكمة فيها و لا رجاء.. بلغتُ الأربعين و كبرت الفتاة التي أحببتها لأنها لا تكبر أبداً.. فلا أصبحت الشخص الذي أردت أن أكونه و لا أحببت الشخص الذي صرته.. بلغت الأربعين و أنا لا أعرف موضع قدماي على الأرض و لا موضع طريقي في السماء فلا أدري أأبكي العمر الذي مضى دون جدوى أم العمر السائر بلا هدى..
أرى أنني وبكامل ارادتي صنعت كرات ثلج صغيرة مع كل خيار خاطئ ظننته الأفضل في وقتها..أكتشف أن خيارتنا الأفضل قد تصبح مع الأيام مسببات لأحزاننا و ألامنا ..أرى كرات الثلج و قد تجمعت و أصبحت كرة هائلة تستعد الأن لمطاردتي و أنا أنحدر إلى الجانب الآخر من التلة
أرى الأن أن حياتي ليست سوى حياةً واحدة من حيوات لا تُعد كان من الممكن أن أحياها فقط إن سلكت دروبا مختلفة..في حياةٍ أخرى كان من الممكن أن أنام ملء جفوني دون أن توقظني خيبة الأمل.. و في حياةٍ أخرى لن يصيبني ذلك الوهن و لن ترهقني أعصابي التي أتلفتها السنون بقسوتها.. في حياة أخرى كان من الممكن أن أعشق حتى ينفذ العشق و أبلغ حدودا للذة لم يبلها بشر من قبل ..و في حياة أخرى كان من الممكن أن تنبت لى أجنحة فأسافر إلى أخر حدود الحلم و لا أعود.
انتهت جلستي مع نفسي و عدت إلى حياتي اليومية و بداخلي هاجس يؤرقني.. ربما أمر بأزمة منتصف العمر أو ربما شيء أكبرمن ذلك و لكن المؤكد أنني بحاجة للمساعدة من شخص ما
انتهت جلستي مع نفسي و عدت إلى حياتي اليومية و بداخلي هاجس يؤرقني.. ربما أمر بأزمة منتصف العمر أو ربما شيء أكبرمن ذلك و لكن المؤكد أنني بحاجة للمساعدة من شخص ما