أمسكت بالقلم بعد طول فراق..الصفحة البيضاء أمامي تتحداني..عام و نصف من الغياب تفصل بيننا..و سد منيع يقف بيني و بين الكلمات الحلوة الدافئة!
"عطر الأوركيد و الفانيليا و رحيق البرتقال و رائحة القرفة الدافئة"باتت روائح من زمن مضى..لاأشتاق إليها قدر اشتياقي لرائحة الغاز المسيل للدموع و الاطارات المحترقة و رائحة الخل و البصل و الخميرة التي تزكم الأنوف!
"الستائر الملونة و الوسائد المخملية و القهوة الطازجة في الفنجان المزخرف و قطعة الشوكولاتة في الصباحات الغائمة" استبدلتها طواعيةً برمادية الشوارع المتربة و براح الأرصفة التي تتسع للجميع-فقط- إن أرادوا..و الشاى الأسود الثقيل زائد الحلاوة في الكوب البلاستيكي شديد السخونة في ليالي الشتاء قارسة البرودة!
حيرتي الدائمة بين صفاء الأزرق و طيبة الأخضر و دفء البرتقالي و حزن البنفسجي حسمها يقين الخير الأبيض و الشر الأسود و الغضب الأحمر..كم تغيرت!!
تغيرت..و ظلت كل الأشياء من حولي كما كانت..فبت على يقين أن مكاني لم يعد هنا!
أصبحت أكثر حدة و أقل صبراً..أعلى صوتاً و أسرع ضحكاً و بكاءاً على السواء..أصبحت أكثر اندفاعاً و أقل رزانة..أرهف حساً و أكثر قسوة!! صار طريق الأسكندرية-القاهرة الصحراوي..أقرب و أكثر استخداماً من الطريق لبيت أعز صديقاتي!
خسرت صديقة العمر و لم أشعر بفداحة الفقد لأنني ربحت أصدقاء آخرين بلا أسماء!
فقدت اثنين من أسناني الأمامية و شعرت بالضئالة أمام من فقدوا أعينهم.
زاد معجمي من الكلمات البذيئة.و أعدت اكتشاف "نجيب سرور"..صرت أدندن أغاني الألتراس و يغنيها معي ولداي وأنا أطهو لهما الطعام على عجل.
أصبحت أكثر ايماناً بالمستحيل و أقل تقبلاً للواقع..باختصار أصبحت ثائرة!!
أتسائل عن اللحظة الفارقة التي أوصلتني لتلك الحالة من الثورة على كل شيء!
أهي تلك اللحظة التي هتفت فيها للمرة الأولى في حياتي في منتصف الطريق "يسقط يسقط حسني مبارك"فشعرت بجسدي كله يقشعر و ملأت دموع لا أدري سببها عيناي و ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى حاولت أن أتخلص منها خجلاً فلم أستطع!
أهى تلك اللحظة التي شعرت فيها للمرة الأولى بسخونة الهواء و صعوبة التنفس بعد اسنشاق غاز أول قنبلة مسيلة للدموع?يليه مباشرة برودة الماء اللاذع على ملابسي الشتوية الثقيلة؟
"عطر الأوركيد و الفانيليا و رحيق البرتقال و رائحة القرفة الدافئة"باتت روائح من زمن مضى..لاأشتاق إليها قدر اشتياقي لرائحة الغاز المسيل للدموع و الاطارات المحترقة و رائحة الخل و البصل و الخميرة التي تزكم الأنوف!
"الستائر الملونة و الوسائد المخملية و القهوة الطازجة في الفنجان المزخرف و قطعة الشوكولاتة في الصباحات الغائمة" استبدلتها طواعيةً برمادية الشوارع المتربة و براح الأرصفة التي تتسع للجميع-فقط- إن أرادوا..و الشاى الأسود الثقيل زائد الحلاوة في الكوب البلاستيكي شديد السخونة في ليالي الشتاء قارسة البرودة!
حيرتي الدائمة بين صفاء الأزرق و طيبة الأخضر و دفء البرتقالي و حزن البنفسجي حسمها يقين الخير الأبيض و الشر الأسود و الغضب الأحمر..كم تغيرت!!
تغيرت..و ظلت كل الأشياء من حولي كما كانت..فبت على يقين أن مكاني لم يعد هنا!
أصبحت أكثر حدة و أقل صبراً..أعلى صوتاً و أسرع ضحكاً و بكاءاً على السواء..أصبحت أكثر اندفاعاً و أقل رزانة..أرهف حساً و أكثر قسوة!! صار طريق الأسكندرية-القاهرة الصحراوي..أقرب و أكثر استخداماً من الطريق لبيت أعز صديقاتي!
خسرت صديقة العمر و لم أشعر بفداحة الفقد لأنني ربحت أصدقاء آخرين بلا أسماء!
فقدت اثنين من أسناني الأمامية و شعرت بالضئالة أمام من فقدوا أعينهم.
زاد معجمي من الكلمات البذيئة.و أعدت اكتشاف "نجيب سرور"..صرت أدندن أغاني الألتراس و يغنيها معي ولداي وأنا أطهو لهما الطعام على عجل.
أصبحت أكثر ايماناً بالمستحيل و أقل تقبلاً للواقع..باختصار أصبحت ثائرة!!
أتسائل عن اللحظة الفارقة التي أوصلتني لتلك الحالة من الثورة على كل شيء!
أهي تلك اللحظة التي هتفت فيها للمرة الأولى في حياتي في منتصف الطريق "يسقط يسقط حسني مبارك"فشعرت بجسدي كله يقشعر و ملأت دموع لا أدري سببها عيناي و ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى حاولت أن أتخلص منها خجلاً فلم أستطع!
أهى تلك اللحظة التي شعرت فيها للمرة الأولى بسخونة الهواء و صعوبة التنفس بعد اسنشاق غاز أول قنبلة مسيلة للدموع?يليه مباشرة برودة الماء اللاذع على ملابسي الشتوية الثقيلة؟
لا
انها تلك اللحظة تحديداً..ليلة الثامن و العشرين من يناير في شارع القصر العيني
أجلس على الرصيف و قد أنهنكني التعب بعد السير و الركض لساعات..أرحت رأسي على كتف امرأة تجلس بجواري..كنت أنظر شبه مغمضة العينين إلى الواقفين أمامي..فابتسم لي أحدهم متفهماً و مشجعاً..فابتسمت له امتناناً و أغمضت عيني.
في اللحظة التالية سمعت صرخات..و صوت سيارة تقترب مسرعة..ثم صوت ارتطام..ثم ارتطام آخر..ثم آخر
فتحت عيناي و الابتسامة لم تفارقني بعد لأجد على بعد أمتار قليلة مني جسد الفتى المبتسم مطروح أرضاً و قد غطت الدماء ملامح وجهه بالكامل!!
تحسست وجههي و ثيابي لأجد دمائه قد تركت آثارها الدافئة كابتسامته على جسدى و في روحي!!
نظرت للورقة البيضاء أمامي و أنا أسترجع عام و نصف من الهتاف و الركض و البكاء و الضحك..
والأحلام الكبيرة و الانتصارت الصغيرة و الاحباطات التي لا تنتهي
لا أدري كم عام و نصف أخرى سوف تمضي قبل أن أستطيع-ان استطعت- أن أملأ الورقة البيضاء
من جديد بكلماتي الملونة و تفاصيلي التافهة..و أشيائي الخاصة بي وحدي