لم أعد أستطيع التمييز بوضوح إن كان ما يحدث هو حلم لأشياء تمنيت حدوثها لدرجة أنني بت أراها واقعاً..أم أنه واقع يفوق الخيال جمالأ فكان من الطبيعي أن يكون مكانه الأحلام..
آخر ما أستطيع الجزم بحدوثه هو أننا كنا قد افترشنا الأرض و الوسائد في حجرة المعيشة ذي الإضاءة الخافتة, تاركين الأريكة لهاتفينا المحمولين و الريموت كنترول وعلبة السجائر و منفضدتها..كنا نتحدث ًعن شيء جنوني نريد أن نفعله يوماً ما.. وكنا نتحدث همساً بالرغم من أن البيت كله لنا وحدنا..ربما لإضافة المزيد من التشويق و الإثارة للفكرة.. أو ربما لأن الساعة كانت قد تجاوزت الواحدة صباحاً..أو ربما لأنني أعشق نبرات صوتك و هي تتخللني بهمس أعذب من اللمس !
برودة هواء البحر تصطدم بوجهي الساخن فأشعر بخدر لذيذ..سرعة السيارة تزيد من احساسي بالدوار اللذيذ..و صوت "حماقي" المرح دائماً و هو ينادي حبيبته ليخبرها عن أحلى ما فيها يتآمر مع يدك الدافئة دائماً و قد احتوت يدي..فيجعلاني أوقن أن تلك الأغنية قد كتبت خصيصاً لي و لتلك اللحظة على وجه التحديد!
يرتفع الصوت ليملأ الفراغ في السيارة المندفعة بنا و الهواء المحيط بها و السماء و الكون المحيطين بكل هذا..أنظر حولي فأرانا الأسرع و الأسعد و الأكثر تألقاً ..
لا أستطيع تمييز الوجوه التي تنظر في اتجاهنا-دهشةً و استغراباً في الغالب- داخل السيارات التي نمر بها و نتركها خلفنا ..كل ما أستطيع تمييزه هو ألأضواء المنبعثة منها و التي كانت -بكل تأكيد-تتراقص..فيتبادل الأحمر دوره مع الأبيض في توافق تام مع الموسيقى..أما إشارات المرور فقد قررت التوقف عن تبادل الألوان و الثبات على الأصفر لإحداث التوازن و إضافة البهجة إلى الصورة!
"عارفة أحلى حاجة فيكي ايه..بتحلي أي شيء عينيكي تيجي فيه.. قمر ده ايه اللي تتساوي بيه؟!"
أنظر بإتجاه القمر فأراه فضياً لامعاً أكثر من المعتاد..يرسل إلي بابتسامة وهمسة..انت سعيدة! أنظر لوجهي في مرآة السيارة فأجد في عيني بريقاً يفوق لمعان فضة القمر..فأهمس له متنهدة..آآآه!
"قلبي عقلي روحي عمري دول ليكي ..مش حردهم عمري و لحد لآخر يوم في عمري شاريكي.."
تزداد نعومة الطريق من تحتنا..فيزداد تلقائياً اندفاع السيارة بنا..ويصبح الطريق كله ملكاً لنا وحدنا و قد أحاطه من الجانيبين خطين من ضوء ذهبي لا ينتهي.. كانا في الأصل أعمدة إنارة متتلاية وقد باتت متصلة من شدة السرعة!!
أغمضت عيني و قد ملأني يقين مضيء..حلم كان أم حقيقة فإن الفرحة التي تملأ قلبي أنت سببها ..و البهجة التي تملأ صحوي و منامي أنت صانعها..و الأنوار التي تضيء أيامي و تلونها انت مصدرها!