Saturday, 14 March 2009

مارس


مارس..أيها الربيع العائد بعد طول انتظار..الدافئ بعد طول برد..أسير في الطرقات فأرى أن الهواء و السماء و الأشجار العارية تنتظرك بفارغ شوق..أن بحرك قد تشبعت زرقته بالبريق و الكثير من اللون معلنة للجميع عودة الألوان و إشراقها من جديد.حتى الهواء البارد في الصباحات المبكرة أراه يتراجع في خجل أمام دفء هواءك و تألق شمسك اللذان يهدهدان باقي اليوم بكل تفاصيله
أرى في وجوه الناس أنهم مشتاقون اليك حتى و إن كانوا لا يعلمون..و أرى على شفاه الأمهات ابتسامة إمتنان خجلى بمجيئك لتملأ قلوبهن دفئا و وفرحة بالأبناء و اللمة و بكلمات الشكر الحلوة و الهدايا الصغيرة التي تمحو تعب الأعوام!إن كنت أنا من يضع التقويم لجعلتك أول شهور العام بلا منازع..فهل من بداية أفضل من الربيع لتملأ القلوب أملا و تفاؤلاً بالبدايات الجديدة؟! ثم انتابي الذهول لإكتشافي أنه هكذا كان الحال فيما مضى..و أنك حقاً كنت بداية العام في زمن آخر
و في زمن آخر أيضا كان مجيئك يعني صوت حليم الدافئ الذائب في دفء هواؤك الليلي و حفلات عيد الربيع التي تملأ الدنيا بالضحكات الملونة و النشوة الملونة و الأفراح الملونة..و كأن العالم كله كان أسيراً منذ شهور في رمادية الأشياء ليخرج -بطريقة سحرية ما-مع قدومك إلى عالم الألوان الصاخبة التي تزهو بكامل تألقها بحكم بداية ظهورها
أما لي فقد كنت دوماً و منذ صغري أكثر أوقاتي تألقاً و تأملاً لتفاصيل الأشياء.. و شجناً لذكرى رحيل الأحباب-جدتي صاحبة الحواديت التي لا تنتهي و حليم صاحب الصوت الأقرب إلى قلبي و الأكثر دفئاً على الإطلاق-أما فيما بعد فقد صرت إكتشافي الرائع للبهجة بعد طول انتظار..أنت الأخضر بخيره و الأزرق برحابته و الأصفر بإشراقه و الأحمر بجنونه و البرتقالي بدفئه و الأبيض بلون قلب حبيبي
أنت الحب و الدفء و هواء البحر و بيت على ضفافه و حضن متشبع برائحته.. و أيام من العمر أعادت للعمر معناه!أنت بداية عودة النبض و عودة الدماء إلى الشرايين المتعطشة و عودة البريق إلى العيون الذابلة..و عودة الفرحة التي لم أكن أعتقد أن الزمان سيجود بها فأدهشي و جاد
أنت بداية عودة الأحلام و بداية عشقي للألوان و بداية رؤيتي للأشياء..و بداية انتظاري -بشوق العالم و صبره- للأيام القادمة

كل مارس و أنت ربيع.. كل مارس و أنا أحبه و أحبك..كل مارس و هو دافئ مثلك و حنون..كل مارس و أنتم جميعا طيبون

No comments: