Thursday, 5 April 2018

وداعاً أيها الغريب



ما زال الطيبون يرحلون.. ما زالت الدنيا تضيق بما رحبت .. لا تتوقف انكسارات هذا الجيل و لا تنتهي أحزانه.. أثقلت كاهله الخيبات فشاب قبل أوانه
شكرا أيها الغريب
انقذتني من أوهام نبيل فاروق بعد ان كاد  يشوه وعيي و أنا على أعتاب المراهقة. انقذني العجوز رفعت اسماعيل الطبيب الطيب 
المتهالك من أدهم صبري ظابط المخابرات الذي لايشق له غبار .  .
شكرا أيها الغريب
 انقذت خيالي من المثالية الزائفة
و رسخت ايماني بقوة الضعف وتفرد العادي . سخريتك المرة ومزاجك الحاد وسؤ حظك في الحب والحياة ووحدتك وأشباحك و عادية ابطالك وضعفهم وقرارتهم المتخبطة والخاطئة .. كل ذلك كان يشبهني كثيرا .. فجعلتني أصدق انه حتي نحن يمكننا ان نكون ابطالا,, في  حكاياتنا الخاصة    ..
علمتني أننا محظوظون أننا لم نمت خجلا من فرط جهلنا و ضعفنا.. وعرفت منك أن ما يرعبهم حقا هو كونك مختلف لا تشبه  تكرارهم أبدا..قرأت يتوبياك فأدركت أنه آن لنا أن نثور قبل فوات الآوان.. و  عندما عدنا من ثورتنا مهزومين احترمت فواجعنا فلم  
تخذلنا..و اتسعت لاختلافاتنا 
 أشرت بقلمك لكتاب غيرك يكملون معنا الرحلة التي بدأناها معك بعد أن كبرنا قليلا و نضجنا كثيرا .. فاكتشفت بفضلك دوستويفسكي وروعة الأدب الروسي ..  وتقبلت أنت بكل تواضع أن تكون مرحلة في حياتناو اكتفيت بأن يعلق على باب قبرك قصاصة ورق  كتب عليها " جعل الشباب يقرأون

ثم جاء موتك الصفحة الخاتمة في روايتك حزينا كأبطالك النبلاء..ثابتاً كأقوالك الخالدة.. فمت عزيزا شريفا ..لم تأكل بعرض قلمك و لا بعت كلمتك لحاكم أحمق..تاركا خلفك اجابة  سؤالٍ حاروا فيه طويلا .. أين يجدوا الشباب الذي طال بحثهم عنه . و لم يروه  إلا  في يناير ذات شتاء .. لم يجدوه عند مقار لجان انتخاباتهم الهزلية..لكن وجدوه وقد ترك المستقبل لهم  و لزعيمهم الأحمق ..تركهم يرقصون كالحمقى في الشوارغ الخالية عليهم.. و  اجتمع حول الموت  عند حافة القبرمودعا عزيزا جديدا و طيباً آخر
وداعاً أيها الغريب .. 
كانت اقامتك قصيرة لكنها كانت رائعة .. عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا
وداعاً أيها الغريب .. 
كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل.. قطرة من قطرات الندى .. لحناً سمعناه لثوان ثم هززنا رؤوسنا و قلنا أننا توهمناه
وداعاً أيها الغريب..
لكن كل شيء ينتهي




و لقد آمنتُ مُؤخراً أني كبرت بما فيه الكفاية لأن أفلت كل الآيادي التي لم تشد على يدي 
... و لأن أمضي دون أن أعبأ لما يُخلِفُه الماضي 


يوم نموت سيمحو النسيم الرقيق آثار أقدامنا علي الرمال ..
 بعدما يفني النسيم، تري من يخبر الأبدية أننا مشينا ها هنا 
مرة في فجر الزمان؟
أحمد خالد توفيق






No comments: