Friday 15 March 2013

بعضُ النوارسِ تبقى



خطواته الواسعة السريعة تحمله إلى مكانه الأثير..عقله يحذره و قلبه يعاتبه..فتضطرب خطواته و تتوقف.
انه الوداع الأخير!..هكذا استجداه قلبه, فأذعن عقله صاغراً, و تواصلت خطواته ثقيلة متباطئة.. وصل لكنه لم يجده!!
اللسان الحجري الممتد في قلب البحر, و الذي يتنهي إلى صخرة طفولته و أحلامه.. تحول إلى مطعم فاخر تحُدّه أشجارُ نخيلٍ بائسة اِقتُلعت من أرضها الدافئة لتواجه أمواج البحر الغاضبة..و الرياح المبللة..و بشراً لا يأبهون لوجودها أو لحالها!
اجتاحه الغضب المعتاد..و اندفع داخلاً المطعم ..ماذا تركوا له؟!..سرقوا الحاضر و المستقبل, و لم يكفهم..فسرقوا  الماضي بذكرياته  التي جاء اليوم  خصيصا ليحزمها في حقيبة سفر شبه خاوية ليلوذ بها في برد أيامِ آتية بلا وطن و لا أحلام!ماذا تبقى له في وطنٍ لا يجيد سوى قتل الأحلام الوردية في القلوب الخضراء؟!

سار فوق السجاد الفاخر مشمئزاً..
هنا كان يلعب الكرة حافياً شبه عارِ مع أصدقائه حيناً و مع آخرين لا يعرفهم أحياناً.. و هنا سار منتشياً مع حبيبة العمر الماضي..و هنا أيضاً سار منكسراً بعد أن أدرك أن الحب وحده لا يكفي لتحقيق أحلام العمر القادم..فسقط العمرمنه في هوةِ زمنٍ رماديٍ لا طعم له و لا لون..
وصل لصخرته القديمة.. لا يفصل بينهما  سوى بابٍ زجاجي مغلق لم يستطع فتحه! هنا جلس كثيراً يرسم أحلاماً حدودها السماء و مداها البحر..و هنا جلس وحيداً يتعلم الصيد و الصبر,  يراقب بأسىً الموج المندفع يتحطم على حواف صخرته دون انذارٍ مسبق ليدرك أخيراً أن نهاية كل موجةٍ.. انكسار! 
هنا جلس طويلاً يراقب النوارس الهائمة بلا وطن تدور بلا هوادة.. يأتي بها الشتاء..ويرحل بها الربيع..يراقبها في اعجاب و هي تقترب من الأمواج الثائرة لتقتنص هدفها ثم تظل ثابتة للحظات فوق سطح الماء كأنها تتحداه..أو ربما ترجوه أن تبقى هنا لأنها قد ملّت الرحيل و اشتاقت إلى وطن..ثم في النهاية ترفرف بأجنحتها مضطرة, و تصدرأصواتها الحزينة التي يتردد رجعها اشتياقاً لمن رحلوا..و وداعاً للمزيد من الراحلين!
اليوم جاء هنا, لتودعه هو بلحنٍ خاص به وحده..جاء ليشعر ببرودة الهواء - المشبع بالملح- تخترق حواجز اليأس التي بناها حول نفسه..جاء ليشعر برذاذ الأمواج و الأحلام المتكسرة على وجهه ..و ها هو هنا..يفصل بينه و بين كل هذا بابٌ زجاجيُ بارد!

خطواته الواسعة السريعة تحمله إلى المكان الذي يفر منه الجميع..يغطي وجهه بشاله الفلسطيني الأبيض و الأسود..و يقترب من الاشتباكات و قنابل الغاز المتوالية التي تعبق المكان بدخانها اللعين..يقترب أكثر و هو يذكر نفسه عندما يعود - إن عاد - إلى البحر من جديد..أن يخبر النوارس انها تستطيع البقاء - فقط - إن أرادت!

8 comments:

المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...

الصديقة الفاضلة الدكتورة أنسنة في لغتي

عذرا لغيابي القاهر في زمن القهر العربي

شعاع حرفك الصادق دوما حرك في عمقي كل معاني الأنسنة فلبقبتك " أنسنة" حين مسني حرفك في عمقي يقول

""
صورٌ كثيرة لطفلين يضحكان من القلب فتكاد ضحكاتهما تقفز من فوق الجدار لتملأ بصداها صمت الغرفة القاتل!

صورة عائلية تجلس في منتصفها..و قد احاطت بذراعيها حفيديها..و يقف خلفها ولدها و زوجته.

تقف كل مساء أمام تلك الصورة تحديدا..تُمرر أصابعها المرتعشة فوق وجوهها الصغيرة فتمرر الوجوه الباسمة إليها قليلاً من البهجة..و كثيراً من الدفء... و مزيداً من الوحدة

"
في صورك الشعرية الفياضة عن حياة الأم وكل ما أرهرنه من ورود بعيدة عنها، تؤكد بل تقطع بصدق بأن الانسان سعادته وجوده ومستقبله رهن باستقراره بين ذاته وذواته، لعل فيما لمع به وعيك مدخل حقيقي لهدف الأنسنة في القادم من الدهور، بحيث يصبح حرمان الذات من ذواته جريمة يعاقب عليها قانون الأنسنة القادم
مع التقدير والحب
يوسف

المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...
This comment has been removed by a blog administrator.
المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...

الصديقة الفاضلة الدكتورة أنسنة في لغتي

عذرا لغيابي القاهر في زمن القهر العربي

شعاع حرفك الصادق دوما حرك في عمقي كل معاني الأنسنة فلبقبتك " أنسنة" حين مسني حرفك في عمقي يقول

""
صورٌ كثيرة لطفلين يضحكان من القلب فتكاد ضحكاتهما تقفز من فوق الجدار لتملأ بصداها صمت الغرفة القاتل!

صورة عائلية تجلس في منتصفها..و قد احاطت بذراعيها حفيديها..و يقف خلفها ولدها و زوجته.

تقف كل مساء أمام تلك الصورة تحديدا..تُمرر أصابعها المرتعشة فوق وجوهها الصغيرة فتمرر الوجوه الباسمة إليها قليلاً من البهجة..و كثيراً من الدفء... و مزيداً من الوحدة

"
في صورك الشعرية الفياضة عن حياة الأم وكل ما أرهرنه من ورود بعيدة عنها، تؤكد بل تقطع بصدق بأن الانسان سعادته وجوده ومستقبله رهن باستقراره بين ذاته وذواته، لعل فيما لمع به وعيك مدخل حقيقي لهدف الأنسنة في القادم من الدهور، بحيث يصبح حرمان الذات من ذواته جريمة يعاقب عليها قانون الأنسنة القادم
مع التقدير والحب
يوسف

المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...

الصديقة الفاضلة الدكتورة أنسنة في لغتي

عذرا لغيابي القاهر في زمن القهر العربي

شعاع حرفك الصادق دوما حرك في عمقي كل معاني الأنسنة فلبقبتك " أنسنة" حين مسني حرفك في عمقي يقول

""
صورٌ كثيرة لطفلين يضحكان من القلب فتكاد ضحكاتهما تقفز من فوق الجدار لتملأ بصداها صمت الغرفة القاتل!

صورة عائلية تجلس في منتصفها..و قد احاطت بذراعيها حفيديها..و يقف خلفها ولدها و زوجته.

تقف كل مساء أمام تلك الصورة تحديدا..تُمرر أصابعها المرتعشة فوق وجوهها الصغيرة فتمرر الوجوه الباسمة إليها قليلاً من البهجة..و كثيراً من الدفء... و مزيداً من الوحدة

"
في صورك الشعرية الفياضة عن حياة الأم وكل ما أرهرنه من ورود بعيدة عنها، تؤكد بل تقطع بصدق بأن الانسان سعادته وجوده ومستقبله رهن باستقراره بين ذاته وذواته، لعل فيما لمع به وعيك مدخل حقيقي لهدف الأنسنة في القادم من الدهور، بحيث يصبح حرمان الذات من ذواته جريمة يعاقب عليها قانون الأنسنة القادم
مع التقدير والحب
يوسف

المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...
This comment has been removed by a blog administrator.
المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...

الصديقة الفاضلة الدكتورة أنسنة في لغتي

عذرا لغيابي القاهر في زمن القهر العربي

شعاع حرفك الصادق دوما حرك في عمقي كل معاني الأنسنة فلبقبتك " أنسنة" حين مسني حرفك في عمقي يقول

""
صورٌ كثيرة لطفلين يضحكان من القلب فتكاد ضحكاتهما تقفز من فوق الجدار لتملأ بصداها صمت الغرفة القاتل!

صورة عائلية تجلس في منتصفها..و قد احاطت بذراعيها حفيديها..و يقف خلفها ولدها و زوجته.

تقف كل مساء أمام تلك الصورة تحديدا..تُمرر أصابعها المرتعشة فوق وجوهها الصغيرة فتمرر الوجوه الباسمة إليها قليلاً من البهجة..و كثيراً من الدفء... و مزيداً من الوحدة

"
في صورك الشعرية الفياضة عن حياة الأم وكل ما أرهرنه من ورود بعيدة عنها، تؤكد بل تقطع بصدق بأن الانسان سعادته وجوده ومستقبله رهن باستقراره بين ذاته وذواته، لعل فيما لمع به وعيك مدخل حقيقي لهدف الأنسنة في القادم من الدهور، بحيث يصبح حرمان الذات من ذواته جريمة يعاقب عليها قانون الأنسنة القادم
مع التقدير والحب
يوسف

المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...
This comment has been removed by a blog administrator.
المحامي الدكتور يوسف عبد الحق said...

تحياتي الفاضلة أنسنة

كم حرفك موجع حتى الثمالة حين ينص

""
هنا سار منتشياً مع حبيبة العمر
الماضي..و هنا أيضاً سار منكسراً بعد أن أدرك أن الحب وحده لا يكفي لتحقيق
أحلام العمر

""

ثم تنحتين ارادة الحياة بحروف اقوى من الصلب وهي تحكي:

""""
هنا جلس طويلاً يراقب النوارس الهائمة بلا وطن تدور بلا هوادة ...0ثم تظل ثابتة للحظات فوق سطح الماء كأنها تتحداه..أو ربما ترجوه أن تبقى هنا لأنها قد ملّت الرحيل و اشتاقت إلى وطن

"""

أواه يا فاضلتي على روعة التصوير النفسي لمعاناة المقهور في بحثه عن العودة


"""
..جاء ليشعر برذاذ الأمواج و الأحلام المتكسرة على وجهه ..و ها هو هنا..يفصل بينه و بين كل هذا بابٌ زجاجيُ بارد

!"""

وتختمين ببداية جديد أقوى مما سبق حين تغوصين في غور الانسان تقطعين صدقا

""
..يقترب أكثر و هو يذكر نفسه عندما يعود - إن عاد - إلى البحر من جديد..أن يخبر النوارس انها تستطيع
البقاء - فقط - إن أرادت

""
ببساطة أنت السهل الممتنع في رقة حرفك وصلابته وصدقه
مع التقدير والحب
يوسف

عذرا نزل التعليق على مقالتك اللاحقة هنا لسبب أجهله